هو الكتاب يتضمن 4 وجهات نظر عن الثالوث، طب ليه اسمه وجهتين نظر بس؟ الفصل الأول: وجهة نظر كلاسيكية بيقدمها واحد إنجيلي اسمه ستيفن هولمز. والفصل الثاني: وجهة نظر كلاسيكية بيقدمها واحد كاثوليكي اسمه باول مولنر. الفصل الثالث: وجهة نظر علاقاتية relational بيقدمها توماس ماكال. الفصل الرابع: وجهة نظر علاقاتية متطرفة radical relational بيقدمها باول فايدز. فمسألة ال 4 وجهات نظر بقوا اتنين علشان 2 منهم كلاسيكيين بطريقتين مختلفتين، و2 عن الثالوث العلاقاتي بطريقيتن مختلفتين.
الفصل الأول (ستيفن هولمز):
هولمز بيقول إنه في القرن 17 و18 تم توظيف الفهم المتطور
عن الشخصانية في شرح الثالوث مما أدى إلى إفساد عقيدة الثالوث التاريخية
الكلاسيكية.. وبيقول نفس الشيء بيحصل دلوقت مع النماذج الاجتماعية لشرح الثالوث. (المفهوم
الحديث للشخص: عبارة عن جوهر مفكر بوعي وإرادة فردية). يعني بيقول هولمز إن الشرح
الكلاسيكي للثالوث لم يكن يتضمن مفهوم الشخص كما نفهمه نحن في العصر الحديث، حتى
إذا استُخدمت تشبيهات للأقانيم زي بولس وسلوانس وتيموثاوس، اللي بيشتركوا في الجوهر
الإنساني الواحد.
ثم بيهدم هولمز خرافة أطروحة ثيؤدور دي ريجنون، وهو لاهوتي
فرنسي يسوعي في القرن ال 19، عن إن الغرب وأغسطينوس بدأ شرحه للثالوث بالجوهر
الواحد ثم إلى تمايز الأقانيم، بينما الآباء الكبادوك بدأوا شرح الثالوث بالأقانيم
الثلاثة ثم بعد ذلك اثبتوا وحدانية الجوهر.[1] وبيقول
إن أغسطينوس والنزيانزي أكدوا على أن اسمي الآب والابن ليسا أسماء لجواهر وإلا
صارا جوهرين مختلفين، ولا أسماء لأعراض وإلا ضاعت عقيدة البساطة الإلهية، لكن هما
أسماء علاقة relational
terms لكن العلاقة
هنا منطقية وليست شخصية.. وبالتالي يرى هولمز إن الآباء الكبادوك ملهمش علاقة
بالثالوث الاجتماعي! علشان كده هولمز بيرفض ما يُسمى ب (I -thou) أو علاقات
(أنا- أنت). أما بالنسبة للحوار بين الآب والابن مثلاً فيراه هولمز على أنه صوت
الابن المتجسِّد، ولا يوجد مثيل له في العلاقة الثالوثية الأزلية.
طبعًا كل كاتب بيقدم أطروحته والباقيين بيردوا عليه،
فأهم نقد أتوجهله هو أن الكتاب المقدس بيقدم حوار بين الآب والابن- في أنجيل يوحنا
طبعًا- والآب بيخاطب ابنه على أنه ابنه الحبيب. فالكلام على العلاقات من نوعية
(أنا -أنت) تُستنتج بسهولة من هذه النصوص، حتى إذا كان الحوار ده غير مُدرك. كمان
من الخطأ وصف هذا الحوار على أنه خاص بالتدبير فقط.
الفصل الثاني (باول مولنر)
مولنر الكاثوليكي بيعتمد كتير على توماس تورانس. وزي
هولمز بيقول إن إقحام المفهوم الحديث ”للشخص“ سيؤدي إلى القول بثلاثة آلهة tritheism. وبيقول إن
العلاقة بين الأقانيم هي metaphysical
relations وليست personal relations. ولأنه بيعتمد على تورانس، فهو بيقول التفكير في الله من ناحية
علاقات البشر فيه إسقاط، والأفضل نبدأ من نقطة في الله نفسه زي ما عمل أثناسيوس في
التأكيد على أفضلية لقب آب على لقب أجينتوس (غير المولود).
الفصل الثالث (توماس ماكال)
ماكال بيقول إن في 3 حقائق في الكتاب المقدس لازم نحافظ
عليهم: 1- الله واحد، 2- تمايز أقنومي، 3- ألوهية كاملة للأقانيم. مكال بيدعم وجود
علاقات حقيقية من نوعية (أنا- أنت) داخل الثالوث وفي نفس الوقت بيأكد على وحدانية
الله. بمعنى أن الأقانيم ”أشخاص“ بكل ما تحمله الكلمة من غنى وقوة.
ماكال بيقول إن العمل الإلهي unified حتى أنه
يُفهم على أنه فعل واحد. مفيش انقسام في العمل ad extra لكن العمل
الداخلي ad intra منقسم؛ لأن الولادة عمل خاص بالآب وحده.
وبيقول إن آباء الكنيسة بينكروا إن الولادة تكون من الجوهر، لأن ده معناه إن
الولادة تكون من الأقانيم الثلاثة، لكن أقنوم الآب فقط هو الوالد. الثالوث عنده
حركة إرادة واحدة يستملكها الأقانيم الثلاثة بحيث يصبح كل أقنوم هو الفاعل/
الوسيلة/ القوة. ماكال بيقول إن آباء الكنيسة أكدوا على numerical sameness وليس مجرد generic
sameness.
ماكال بيقول إزاي نفهم (Father is God/ Son is God/ Sprirt is God) "is" هنا
فيها 3 احتمالات:
- “is” of
predication للأسناد
- “is” of identity للتطابق
- “is” of numerical sameness للواحدية العددية
ماكال بيوصل لفكرة إن ”is“ الصح هي الواحدية
العددية بدون تطابق، لأن التطابق سيؤدي إلى السابلية.
الفصل الرابع (باول فايدز)
النموذج العلاقاتي اللي بيقدمه فايدز هو علاقة بدون
فاعلين في هذه العلاقة. الأقانيم في رأيه هي تحركات movements وليس movers. بيقول إن الأنالوجي
عند الآباء كانت علاقة مش أشخاص في علاقة. الأقانيم هي تعينات للكينونة instantiations of being والأقانيم هي علاقات قائمة
subsistent relations. بيوظف فايدز مبدأ آبائي هو mode of being.[2]
وبيستشهد بكلام أغسطينوس أنه قال إحنا بنقول ”شخص“ حتى لا نصمت عندما نُسأل هم 3 إيه
(عن الثالوث 7: 11). وبيحاجج بأن مصطلح ”أقنوم“ عند الآباء لا يحمل معنى شخص. فايدز
بيرفض إنه يوصف ربنا سواء ب one
subject أو 3 subject. المشاركة في الثالوث هي مشاركة في حركة movement. أهم نقد
أتوجهله هو أنه كده بيوصف ربنا بأنه نوع من القوة الكونية cosmic power وليس إلهًا
شخصًا.
في المجمل كتاب جميل بيفهمنا شوية عن التيارات الحديثة
في شرح الثالوث، وإزاي كلهم بيعتمدوا بشكل أو بآخر على الآباء. والسؤال: هل فهمنا واستوعبنا
نحن لاهوت آبائنا- ولا سيما في العصر الذهبي (الرابع)- حتى نستطيع أن نشتبك مع
هؤلاء المفكرين ويكون لدينا إسهام فكري على الساحة العالمية. أعتقد أننا لم نفهم بعد
لاهوت الآباء بشكل جيد.
[1] يهمنا شهادة اللاهوتي الأرثوذكسي جون
بير (العميد السابق لمعهد سان فلاديمير) واللي
قال الآتي: ”ليس مستغربًا أن اللاهوتيين الروس المهاجرين حين وصلوا إلى الغرب في
بداية القرن، إذ أرادوا أن يؤكدوا على تميُّز تقليدهم اللاهوتي وأفضليته على
اللاهوت المستمد من أغسطينوس، فقد استعادوا التقسيم السابق (بتاع دي ريجنون)“. ثم
يستشهد جون بير باللاهوتي لويس آيرس الذي أكد أن فكر أغسطينوس عن الثالوث يشترك في
سمات كثيرة مع شرح الآباء الكبادوك.. ويؤكد أن هناك فكر مشترك لدى كل من التقليد
اللاتيني واليوناني يؤكد على صياغات مجمع نيقية.. ثم يقول جون بير ”لكن مساهمة
أغسطينوس ليست مستحدثة تمامًا، بل صياغة أكثر تفصيلاً وعمقًا لمحتوى العقيدة
المتوارثة“، وهو بذلك لا ينفي أبدًا بعض الشروحات التي تميز بها أغسطينوس عن
الآباء الآخرين.. لكن ال core الأساسي واحد. انظر كتاب (Orthodox Readings of Augustine, by Aristotle Papanikolaou, George E. Demacopoulos (Editor)).
[2] هذا التعبير باليونانية هو τρόπος τῆς ὑπάρξεως وقد ورد مرات عديدة عند النيسي وق باسليوس وق كيرلس، والمقصود به أن كيفية الوجود الخاصة بالآب أنه غير مولود ووالد، والابن مولود، والروح القدس منبثق من الآب.. النيسي في الرسالة إلى أبلابيوس On Not Three gods يقول إن الأقنوم يتمايز عن الأقنوم فيما يخص ”كيفية وجود الأقنوم“.. وضرب مثل: لو سالت مزارع وقولتله هل الشجرة دي مزروعة ولا نمت من تلقاء نفسها، هيقولك إما أنها مزروعة أو غير مزروعة.. لكن ده سؤال مختلف تمامًا عن طبيعة الشجرة اللي هي هي في الحالتين. العالم Prestige تتبع المصطلح عند النيسي وباسليوس وآخرين.. ويؤكد أن ”كيفية الوجود“ هذه هي جزء فقط من تعريف الأقنوم وليس الأقنوم في ذاته.. بالطبع هذا جيد لأن العبارة ربما تُفهم على أنها موداليزم/ أو سابلية.. جدير بالذكر أن كارل رانر وكارل بارت استخدموا نفس المصطلح (mode of existence) وفضلوه عن مصطلح شخص person للتعبيرعن الأقنوم، لكن مولتمان أعتبر ده انتصار للموداليزم/ السابلية.. وأن هذا المصطلح ينزع صفة الشخصانية عن الابن والروح القدس بالأخص.. لكن وفقًا للعالم Prestige أن هذا المصطلح هو (جزء) من تعريف الأقنوم وليس الأقنوم في حد ذاته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق